القدس - فلسطين الإعلامية - بعد أن انتهيت من تصفح تقرير جولدستون اكتشفت انه ومن خلال بنوده وتوصياته يدين بشدة حركة حماس وعناصرها وقياداتها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بصورة اشد وأقسى وأكثر حدة مما يدين به إسرائيل وجيشها.
ولعل هذه الحقيقة تكشف النقاب لماذا هاجم قيادات حماس التقرير بعد صدوره ثم عادوا ليتباكون عليه ويتهمون الرئيس عباس والسلطة الوطنية الفلسطينية بسيل من أقذع الاتهامات والتي سمعناها خلال الايام الماضية.
ولعل ما سنطرحه لاحقاً سيكشف عن السر الذي كان وراء هذه الزوبعة والتي استهدفت الهجوم على الشرعية الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني برمته ولندع الحقائق تتحدث عن نفسها.
تصريحات قادة حماس قبل وبعد صدور تقرير جولدستون.
تصريح سامي أبو زهري : فور أن تم تشكيل اللجنة التي يرأسها جولدستون وقبل أن يظهر التقرير بأشهر قال ما يلي ( إن اللجنة التي شكلت لكتابة التقرير يقودها يهودي ولن تكون حيادية ولن نقبل بما سيصدر عنها ).
تصريح أيمن طه قبل صدور التقرير ( عبر عن استغرابه لتعيين جولدستون رئيساً للجنة وقال أن هذه اللجنة ستكون منحازة لإسرائيل لان رئيسها يهودي وسينحاز لا محالة للجانب الصهيوني).
تصريح إسماعيل رضوان القيادي في حركة حماس بعد صدور التقرير (إن التقرير سياسي وغير متوازن وغير منصف وغير موضوعي لأنه ساوى بين الجلاد والضحية واعتبر أن التقرير افتقد إلى الجرأة والصراحة).
تصريح فوزي برهوم ( أقولها بصراحة وبكل وضوح أن من قرأ التقرير يعلم جيداً أن كاتبه اليهودي قد ساوى بين حماس وبين إسرائيل في تحمل المسؤولية عن الحرب الأخيرة ، حتى أن هذا اليهودي ساوى بين حماس وبين إسرائيل في أن كليهما ارتكبا جرائم حرب).
هذه التصريحات السابقة لقادة حماس ومسؤوليها توضح إلى أي مدى كانوا ضد التقرير حتى قبل أن يصدر.
واليكم الآن المفاجأة : من خلال ما تنص عليه بنود تقرير جولدستون في إدانتها لحماس البند (108) الذي نص على ما يلي ( كانت البعثة قد حددت أن الصواريخ ، والى حدٍ أقل مدافع الهاون، التي أطلقتها المجموعات الفلسطينية المسلحة هي غير قادرة على التوجه نحو أهداف عسكرية محددة، وقد أطلقت على مناطق يتجمع بها سكان مدنيون وأكدت البعثة أيضا أن هذه الهجمات تشكل هجمات عشوائية على السكان المدنيين في جنوب إسرائيل وليس على أهداف عسكرية، وان هذه الأعمال من شانها أن تشكل جرائم حرب ويمكن أن ترقى لجرائم ضد الإنسانية.
وترى البعثة أن هناك دلائل قوية تشير إلى أن احد الأهداف الرئيسية لهجمات الصواريخ والهاون هي بث الذعر بين السكان المدنيين الإسرائيليين وهذا انتهاكا للقانون الدولي.
وأما ما يتعلق بإدانة إسرائيل فكما يلي : البند 1172 الذي ينص على ما يلي:_(تلقت البعثة معلومات تتعلق بوجهٍ خاص بالمعاملة التي تلقاها بعض الشهود مثل التكبيل والضرب المبرح أثناء الاعتقال، والاستجواب، والتي تمت في ظروف كريهة وقاسية أو بالحبس الانفرادي وتعد مثل هذه المعاملة انتهاكاً للمادة 31 من اتفاقية جنيف الرابعة .)
لاحظوا هنا الفرق في نص العبارات والدلائل فيما يتعلق بإسرائيل' انتهاكاً للمادة 31 من اتفاقية جنيف الرابعة أما ما يتعلق بحماس ' تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية'
وفي إدانة أخرى لحماس نص البند 1747 على ما يلي ( في ما يتعلق بإطلاق صواريخ وقذائف الهاون على جنوب إسرائيل من قبل مجموعات مسلحة في قطاع غزة فان البعثة ترى أن الجماعات الفلسطينية المسلحة فشلت في التمييز بين الأهداف العسكرية والسكان المدنيين والأهداف المدنية في جنوب إسرائيل، إذ أن الصواريخ وقذائف الهاون لا يمكن أن تستهدف بدقة كافية الأهداف العسكرية وتخالف المبدأ الأساسي للتمييز، حيث انه لا يوجد أي هدف عسكري مقصود فان إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على المناطق المدنية يشكل هجوماً متعمداً ضد السكان المدنيين، أن هذه الأعمال تشكل جرائم حرب وقد تصل إلى حد جرائم ضد الإنسانية.
أما فيما يتعلق بإدانة إسرائيل فقد نص البند 1732 على ما يلي ( من الحقائق التي تم جمعها وجدت البعثة أن الانتهاكات الجسيمة التالية لاتفاقية جنيف الرابعة والتي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة:- القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللانسانية تتعمد أحداث آلام شديدة أو أضرار خطيرة بالبدن أو بالصحة، والدمار الواسع النطاق للممتلكات لا تبرره الضرورة العسكرية وينفذ بصورة غير مشروعة وتعسفية كمخالفات جسيمة تترتب عن هذه الأفعال مسؤولية جنائية فردية.
لاحظوا فيما يتعلق بإسرائيل مسئولية جنائية فردية أما حماس فجرائم حرب وجرائم ضد الأنسانية.
كذلك اتهم التقرير حركة حماس في قطاع غزة بالقيام بجرائم ضد الفلسطينيين من معارضيها السياسيين في قطاع غزة، وقد نصت فقرة في التقرير على ما يلي : ( لقد قامت حماس في غزة بتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القضاء وإحداث عاهات جسيمة واعتقالات تعسفية واحتجاز وسوء معاملة للناس وخاصة المعارضين السياسيين وكل ذلك يشكل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، أن الممارسات والاعتقالات التي قامت بها حماس ضد معارضيها السياسيين لأسباب سياسية تشكل انتهاكاً لحقوق الفرد في الحرية والأمان على شخصه وحقه في محاكمة عادلة والحق في عدم التعرض للتمييز بسبب الآراء السياسية للأفراد، أن التقارير بخصوص التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة أثناء الاعتقال والاحتجاز تتطلب التحقيق الفوري والمساءلة.
من خلال العرض السابق نرى كيف أن شدة العبارات المستخدمة ضد حماس تفوق تلك العبارات المستخدمة ضد إسرائيل وكذلك درجة تحميل المسؤولية ضد حركة حماس وعناصرها أكثر مما هي محملة لإسرائيل وجيشها، وكذلك التوصية بمحاسبة حماس عما ارتكبته من إعدامات خارج نطاق القضاء بحق نشطاء فتح والفصائل الأخرى في غزة، وما قامت به من عمليات اعتقالات تعسفية وتعذيب وإحداث العاهات المستديمة في الأفراد.
هذا إضافة إلى الممارسات التي توصف بأنها ضد الحرية السياسية التي قامت بها حماس وما زالت تقوم بها ضد معارضيها في غزة.
لعل ما سبق يوضح بما لا يدع مجالا للشك ، أن حماس لم ولن تكون معنية بهذا التقرير من قريب ولا من بعيد لان هذا التقرير بمثابة مقصلة موجهة إلى عنق حماس، وان ما تقوم به حماس من حملات تشويه وتشهير ضد القيادة الفلسطينية هو محاولة لاستخدام التقرير كقميص عثمان للهجوم على الشرعية الفلسطينية لأسباب لم تعد خافية على احد ولا يعنيها من قريب أو من بعيد الدماء والضحايا والكارثة التي حلت بغزة .
والآن تعمل القيادة الفلسطينية على أعادة طرح التقرير على لجنة حقوق الأنسان ، وسنرى ماذا سيكون رد فعل حركة حماس في حال تم اقراره ، وذلك في ضوء ماورد في التقرير من من اتهامات لهم ستجعلهم مطلوبين للعدالة الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب .