في حوار مع رؤساء تحرير الصحف القومية ::
الرئيس عباس: سأدافع عن قيادات حماس إذا طلبوا للمحاكمة بصفتى رئيسا لكل الفلسطينيين
التاريخ : 21/10/2009 الوقت : 00:00 أمد / صلاح جمعه / أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن حركة فتح تبقى ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية بيد مصر فلا يوجد وسيط غيرها بالنسبة لنا ، فمصر صبرت علينا وهى المسئولة عن ملف المصالحة لأسباب جغرافية وقومية ولا نريد أن نقفل الأبواب فى وجه المصالحة ، ولا نريد أن نستسلم لأى ضغوط.
وقال الرئيس الفلسطيني فى لقاء مع رؤساء تحرير الصحف القومية ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط قبيل مغادرته القاهرة إننا وقعنا على وثيقة الوفاق الوطنى يوم الخميس المضي ' 15 أكتوبر الجارى ' فى اليوم الذى حددته مصر بنعم ، رغم وجود تحفظات على الوثيقة ، فيما أعلنت مصر أن حركة حماس لم توقع وطلبت التأجيل.
وأوضح أن الرأى العام الفلسطيني والعربي بات على قناعة بأن حماس هى الطرف المعرقل للمصالحة الفلسطينية وللجهود المصرية ومصر قالت كلمتها فى هذا الأمر ببيان رسمي ، وعلى الجامعة العربية أن تقوم بتنفيذ ما أوصى به مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية بأنها ستعلن للرأى العام العربي عن الطرف المعرقل للحوار.
وأوضح الرئيس عباس أن هناك أطرافا دولية طلبت منا ألا نذهب إلى المصالحة ، لكننا صممنا على الذهاب وقمت بإرسال عزام الأحمد رئيس وفد فتح إلى القاهرة ووقع أمام المسئولين المصريين بتفويض من الحركة على الوثيقة ، أما حماس فرضخت للضغوط الإقليمية ولم تأت فى الموعد الذى حددته مصر وماطلت وطلبت التأجيل.
وقال عباس ' إن مصر لأول مرة تصدر بيانا رسميا تقول فيه إن حركة فتح وافقت وحماس طلبت التأجيل ، ورغم هذا طلبنا من مصر الاستمرار فى مساعيها ولكن .. كيف ومتى وبأى أسلوب يتم استئناف هذا الملف ؟ .. هذا كله متروك للجانب المصري يتصرف فيه كيف يشاء ونحن سندعم الموقف المصري بكل قوة.
وحول موضوع الانتخابات التشريعية والرئاسية فى ظل هذا الانقسام .. قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس ' إننى سأصدر مرسوما رئاسيا بعد عدة أيام فى ' 25 أكتوبر الجارى ' بتحديد موعد الانتخابات يوم 24 يناير المقبل وتشكيل لجنة الانتخابات الرئيسية التى ستشرف على العملية الانتخابية من الأساس ، مشيرا إلى أنه إذا تم الاتفاق على المصالحة وإنهاء الانقسام ، فإننا سنصدر مرسوما آخر بإجراء الانتخابات فى الثامن والعشرين من يونيو المقبل حسب الاقتراح المصري بإرجاء موعد الانتخابات ستة أشهر.
وأضاف الرئيس أبومازن ' إذا لم يتم الاتفاق ، سنجرى الانتخابات فى 24 يناير المقبل فى الضفة الغربية وقطاع غزة وستكون الانتخابات برعاية عربية وإسلامية ودولية'.
وأكد الرئيس محمود عباس التزامه الكامل بنتائج الانتخابات التى ستعلنها لجنة الانتخابات ، وقال ' لقد التزمت أنا شخصيا والسلطة الوطنية الفلسطينية بصفة عامة بما أعلنته لجنة الانتخابات فى الانتخابات التشريعية الماضية عام 2006 ، وقمت وحينها بالاتصال بحركة حماس وطلبت منهم ترشيح شخص للحكومة ، وكلفته بتشكيل الحكومة وقمنا بتسليم السلطة لهم فى مشهد ديمقراطي شهد له العالم أجمع'.
وأوضح أنه فى حالة مماطلة حركة حماس وتسويفها ، فإننا سنجرى الانتخابات فى موعدها يوم 24 يناير حسب قانون التمثيل النسبي الكامل أو ما يسمى ' القائمة الموحدة لكل أرض الوطن ' ، وهذا ما أصدرت به مرسوما بقانون قبل الحوار الوطنى الفلسطيني ، مشيرا إلى أن مصر اقترحت أن يكون قانون الانتخابات بنسبة 75 فى المائة نسبي ، 25 فى المائة فردى ووافقنا عليه ، وإن لم نتفق ، فإننا سنجرى الانتخابات بالمرسوم القانونى القديم وهو القائمة النسبية الموحدة.
وقال إن قانون النسبة الموحدة سيعمل على تمثيل الجميع فى قطاع غزة وفى القدس والضفة الغربية ، مؤكدا تصميمه على إجراء الانتخابات فى الضفة مع قطاع غزة وقال ' لا انتخابات فى الضفة دون غزة'.
وحول تقرير ' ريتشارد جولدستون' .. قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إننا منذ تشكيل لجنة التحقيق الدولية رحبنا بها وسهلنا مهمتها ، وحركة حماس انتقدتها فى حينه وقالت إن رئيسها يهودي صهيوني ، وبعد صدور التقرير وذهابه إلى جنيف ، وتأجيل التصويت عليه ، شنت حماس حملة مغرضة علينا واتهمتنا باتهامات وأكاذيب ليس لها أساس من الصحة.
وكشف الرئيس عباس لرؤساء تحرير الصحف القومية ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط عن ملابسات أزمة تقرير جولدستون ، وقال ' إن السلطة الوطنية الفلسطينية ليس لها فى مجلس حقوق الانسان حق تعديل أى مشروع أو سحبه ، مشيرا إلى أن المجموعة العربية والاسلامية والأفريقية ومجموعة عدم الانحياز قدموا مشروع قرار تم رفضه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وأوروبا.
وأضاف أنه فى المقابل قدمت الولايات المتحدة مشروعا آخر لا يعطينا أى حقوق ومجحفا لحقوق شهدائنا وجرحانا من أبناء شعبنا ، وقامت تلك المجموعات الأربعة برفض هذا المشروع ، مما أدى إلى قيام باكستان رئيس المجموعة الاسلامية والعربية فى المجلس بعد طلب من عدد من الدول الاعضاء بتأجيل التصويت على مشروع القرار حتى يتسنى للدول دراسته بشكل أعمق ، خاصة وأنه يحتوى على 575 صفحة ويحتاج وقتا كافيا لدراسته بشكل مفصل.
وتابع الرئيس الفلسطيني ' ثم صدر القرار بالتأجيل وتم الاقتراح على عرضه على الجلسة القادمة وقامت القيامة ولم تقعد من قبل الصحافة ووسائل الإعلام واتهمتنا بأننا سحبنا المشروع وأن هناك صفقة مع أمريكا وإسرائيل واتهمونا اتهامات ليس لها أى أساس من الصحة'.
وأطلع الرئيس محمود عباس رؤساء التحرير على تسجيل مصور لوقائع ما جرى في جلسة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يظهر أن قرار تأجيل مناقشة التقرير ليس فلسطينيا ، ولكن من طلب التأجيل هو مندوب باكستان الذى كان يتحدث باسم المجموعة العربية والاسلامية والافريقية ومجموعة عدم الانحياز ولم يعترض مندوب أى دولة من دول هذه المجموعات الأربعة على موضوع التأجيل.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن المسألة ليست عملية ضغوط إسرائيلية أو أمريكية ولا بسبب مناقصة شركة الاتصالات التى تملكها شركة قطرية بنسبة 49 فى المائة وصندوق الاستثمار الفلسطيني بنسبة 30 فى المائة ، والباقى سيطرح للمواطنين للاكتتاب بعد ذلك عندما تعمل الشركة ، مؤكدا أن كل هذه افتراءات وأكاذيب ليس لها أى أساس من الصحة ، فلو كانت هناك صفقة لما أعدنا طرح التقرير مرة أخر للتصويت بعد أسبوع.
وأضاف أن موضوع التأجيل أدى إلى مكاسب كبيرة ، حيث أن جميع الاعضاء قرأوا التقرير بعناية وارتفع عدد المؤيدين من 18 دولة أول مرة ، إلى 25 دولة فى المرة الثانية ، وكذلك كان له تأثير على الدول الممتنعة وهى روسيا والصين والارجنتين والبرازيل ، فحدث تحول فى مواقفها ، وكذلك الدول الرافضة مثل النرويج عادوا وقبلوا ، والدول المعترضة مثل فرنسا وبريطانيا انسحبت من الجلسة فقط ، وهذا مكسب حققته السلطة الفلسطينية.
وأكد الرئيس محمود عباس أنه شخصيا الذى كان يقود عملية إدارة ملف تقرير ' جولدستون ' والتصويت عليه ، ومندوب فلسطين فى المجلس كان ينفذ التعليمات التى أصدرها له ، ونجحنا فى هذه المعركة وحققنا ما نصبو إليه وسوف نستمر فى متابعة مراحل هذا التقرير ، حيث قمنا بالاتصال مع المدعى العام لمحكمة العدل الدولية ' لويس أوكامبو ' وأوفدت وزير العدل الفلسطيني الدكتور على الخشان وهو موجود حاليا هناك يتابع الملف وسوف نستمر فى جهودنا حتى نحقق العدالة.
وردا على سؤال عما إذا كان سيدافع عن قيادت حركة حماس إذا طلبت للمحاكمة بناء على التقرير .. قال الرئيس عباس ' إننى مسئول عن كل الشعب الفلسطيني وسوف ندافع عن كل فلسطيني حتى إن كان من حركة حماس لأننى رئيس لكل الفلسطينيين ومن واجبى أن أدافع عن الجميع دون تميير أو تفرقة ، على الرغم من أن الحركة استهدفتنى شخصيا واتهمتنى بكل الأباطيل والأكاذيب التى ساقتها من خلال إعلامها والإعلام الموالى لها'.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس فى حديثه لرؤساء تحرير الصحف القومية ووكالة أنباء الشرق الأوسط – ردا على سؤال عما إذا كان يشعر بالقلق نتيجة لعدم تطبيق ما وعد به الرئيس الأمريكي باراك أوباما وقد مضي عام تقريبا على ولايته – ' نعم نحن نشعر بالقلق ونطالب الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ ما ورد فى خطاب الرئيس أوباما فى جامعة القاهرة لأننا نشعر بالقلق لأن الوقت يمر والإدارة الأمريكية لم تبلور حتى الآن موقفها ونحن لا نطلب المستحيل ، بل نطلب لاستئناف المفاوضات تنفيذ ما ورد فى خارطة الطريق ، حيث نفذنا التزاماتنا ، وعلى إسرائيل أن تنفذ التزاماتها ، وأولها وقف الاستيطان ، وهذا ليس شرطا بل هو استحقاق.
وأضاف أن اللقاء الثلاثي الذي جمعه مؤخرا في الولايات المتحدة الامريكية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي باراك أوباما كان بالتشاور مع عدد من وزراء الخارجية العرب الذين تواجدوا في نيويورك ، وكذلك مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.
وقال الرئيس عباس إننى طرحت فى اللقاء الثلاثي ضرورة وقف الاستيطان وتحديد مرجعية عملية السلام طبق قرارات الشرعية الدولية وانطلاق المفاوضات من النقطة التي انتهت عندها في عهد حكومتي الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت.
وتابع أنه لا يعتبر هذا اللقاء ' لقاء تطبيعيا ' فقد قلت مطالبنا قبل هذا اللقاء وفى اللقاء وبعده لأننى مؤمن بأننا لا يجب أن نترك أى فرصة أو أى مكان إلا ونذهب فنحن لم نتنازل ولم نضع أى شروط مسبقة ، فحديث إسرائيل عن مطالبتها بالذهاب للمفاوضات دون شروط مسبقة وهو تضليل وتزوير للواقع ، حيث أن وقف الاستيطان هو استحقاق فى تقرير ميتشيل الذى أعده قبل أن يكلف بتوليه مبعوثا للرئيس الأمريكي لعملية السلام فى المنطقة والذى استندت عليه خارطة الطريق وهذا ليس شرطا ابتدعناه نحن ، بل هو التزام وقلت لنتنياهو إنني أطالب بتنفيذ التزامات وليس وضع شروط ، فأنا فى موقف لا يجعلنى أن أضع شروطا.
وأضاف أنه تم الاتفاق على عقد لقاءات فلسطينية – أمريكية ، وأميركية - إسرائيلية لتقريب وجهات النظر، وقد ذهب الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية أول مرة لواشنطن والتقى الجانب الاميركي، ولم نصل لنتيجة، والآن عريقات موجود هناك وسنستمع إليه حول الوضع الحالي عندما يعود من هناك.
وردا على سؤال عن صحة ما تناقلته بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية عن وجود تقارب أمريكي - إسرائيلي بخصوص الاستيطان ، قال عباس ' لا نستطيع أن نحكم إلا بعد السماع لمندوبنا المتواجد في واشنطن بعد عودته إلى أرض الوطن ، ونحن لا نقدر المواقف بناء على ما تتناقله وسائل الاعلام.
وقال الرئيس الفلسطيني إننا نريد أن تعلن الإدارة الأمريكية الحالية مرجعيات عملية السلم ، حيث بدأت تذوب تلك المرجعيات ، مشيرا إلى أن زيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس فى إدارة بوش أكدت أكثر من مرة على ضرورة الالتزام بحدود عام 1967 ، ثم دخلنا نحن خلال الحكومة الإسرائيلية السابقة فى التفاصيل ، فحدود الرابع من يونيو عام 1967 تشمل البحر الميت والقدس والضفة وقطاع غزة ونهر الأردن والأرض المحرمة المسماة 'نوماز دان'.
وأضاف أن مرجعية عملية السلام هي حدود 1967 ، ونحن نؤكد على ذلك في لقاءاتنا مع كل المسؤولين الدوليين والأوروبيين وقد أكدنا على ذلك خلال لقاءاتنا مؤخرا مع خافيير سولانا المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والامنية في الاتحاد الاوروبي ، ووزيري خارجية بولندا وإيطاليا ، حيث أكد الاتحاد الأوروبي ، وهو عضو فى اللجنة الرباعية الدولية ، أنه سيكتب رسالة للولايات المتحدة تقول إن مرجعية المفاوضات هى حدود عام 1967 وهذا بناء على طلبنا.
وحول موضوع إعادة إعمار غزة .. قال الرئيس الفلسطيني إن السلطة الوطنية الفلسطينية رغم استمرار الانقلاب وسيطرة حماس على قطاع غزة ، تواصل تقديم المساعدات وتخصص 58% من موازنتها لصالح غزة ، لافتا إلى أن السلطة الوطنية تصرف رواتب لنحو 77 ألف موظف من أبناء غزة ، بالإضافة إلى فواتير المياه والكهرباء وتغطية تكاليف الصحة والتعليم هناك.
وحمل أبومازن حركة حماس مسؤولية مباشرة ورئيسية في إعاقة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي في القطاع ، وقال إن مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي قدم مساعدات تصل إلى أربعة ونصف مليار دولار لإعمار قطاع غزة ، لكن حماس رفضت المصالحة ورفضت أن تقوم المنظمات الدولية بدورها في مجال الاعمار والتخفيف على المواطنين ، والنتيجة أن هناك الآن 100 ألف مشرد تتحمل حماس مسؤولية ما جرى لهم ، حيث تغلب للأسف مصلحة التنظيم على مصلحة الشعب.