احكوها بصراحة وخلصونا ::
المصالحة لا تخدم قادة حماس وغولدستون سفينة النجاة للبقاء على ارض الانقسام
التاريخ : 7/10/2009 الوقت : 19:13 أمد / تقرير إخباري / استدركت حركة حماس جملة مصالحها التي من الممكن أن تفقدها ، في 22 الجاري اذا ما اصبحت المصالحة الوطنية حقيقة واقعة ، وجملة المصالح هذه بنيت في سنتين وتزيدها أشهر وأيام ، وليست بمصالح يمكن الاستغناء عنها بسهولة ، ولكن الذين لا يعرفون واقع قطاع غزة اليوم ، قد لا يصدقون أن حماس لا تريد التغيير بعد تغييرها ولا الاصلاح بعد إصلاحها ، تغيير وإصلاح لفئة من قياداتها الذين انتشروا على ضيق قطاع غزة ، كأمراء مناطق ، ومحافظين ورؤساء بلديات ، ومدراء جامعاتو مدارس وجمعيات ، وضباط كبار وصغار متنفذون ، ولهم حراس وتعليمات ، يجولون في خراب القطاع كما تجوب المياه في الارض العطاش ، ولا شيء يمنعهم عن تقدمهم مهما كانت المأساة كبيرة ومعاناة أهل البلد البسطاء ضخمة ، لا يهم ... فالأمر يختصر على نفوذ وسيطرة وكراسي وتجارة ومصالح لم تعد خافية على أحد.
وفي مسلسل الأحداث الجاري وقبل الجمعة الماضية ، كان سكان القطاع على أعلى روح معنوية منذ سنتين ، وقد خطط بعضهم لإستقبال أيام الوحدة الوطنية ، ومنهم من باع واشترى مخافة أن تفتح الطرق ويرفع الحصار ويصبح القطاع ، منطقة طبيعية في تواصلها مع الشرق والغرب ، ولكن بعد تقرير ريتشارد غولدستون وتأجيل التصويت عليه في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة ، وجدت حماس فرصتها بالانفلات من الضغط المصري والعربي وبعض الاصدقاء الغربيين ، لتطويل عمر الانقسام ، و تكثير نفوذ قياداتها في قطاع غزة ، فالمصالحة لم يعد لها موعد مقدس ، وما صرح به مشعل تراجع عنه ، برداء غولدستون ، او تحت غطاء خطأ السلطة الوطنية بطلب تأجيلها للتقرير ، وارتفعت الأصوات كما رفعت الملصقات ووزعت البيانات كما انتشرت الشتائم في طرقات غزة ، ضد الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية .
ولم ينته الأمر عند هذا الحد من تعنيف التشهير ، وتسخين الشتائم ، ورمي الرئيس عباس ومن معه بأشد الألفاظ واغلظ التهم ، بل استغلت اليوم حركة حماس خطأ تأجيل تقرير غولدستون ، لتسيطر بشكل مفاجيء على جامعة الأقصى الرسمية ، وتطرد رئيسها الدكتور علي زيدان ابو زهري الذي ما زال يرفع صورتي الشهيد ياسر عرفات والرئيس محمود عباس فوق مكتبه ، وتلك الصور مازالت منشورة في قاعات ومكاتب الجامعة ، كونها مؤسسة رسمية تابعة للسلطة الوطنية ، هذه الأجواء لا ترضي حركة حماس ودكاترتها وطلابها وموظفيها فهؤلاء لديهم حساسية مفرطة من صور غير صور قياداتهم .
وحتى لا يكون المرء متجني يجب القول أن حالة الانقسام رغم خطأ السلطة الوطنية بتأجيل التصويت على تقرير غولدستون ، يجب أن ينتهي مصلحة مهمة وغاية ضرورية لكل مواطن عادي وبسيط في قطاع غزة ، ولكل مريض وطالب جامعي ، وتاجر نظيف وعائلة مشطورة الافراد ومبعثرت العناوين ، لكل شريف ونظيف ومحروم ومكسور الخاطر ، هؤلاء الذين يتناساهم الساسة الفلسطينيين ويطولون عمر معاناتهم بشكل يومي ، يريدون أن ينتهي الإنقسام ، وتوحد الساحة الداخلية ، ويعود المنفيون الى أسرهم كما يخرج من القطاع كل ذي حاجة ليقضي حاجته ، يريدون أن تنتهي مرحلة الخراب وتبدأ مرحلة التعمير والبناء ، وأن تعاد المدارس والجامعات والمعاهد الى وظائفها الأساسية في ترسيخ القيم الحميدة والثقافة الأصيلة ، وانتشار العلم ، واغلاق الحلق التنظيمية فيها الى غير رجعة ، كما يريد هؤلاء البسطاء أن تعود المساجد الى الله ، لعبادته على بينة ، ومن غير تشويش ، وتجريح وتفتيت المجتمع الى فصائل وطوائف وفئات وتصنيفات ما انزل الله بها من سلطان.
ومن هؤلاء من كره غولدستون الذي تعجل بطلبه وأراد التصويت على تقريره ، قبل أن ينتهي الحوار الوطني في القاهرة واتمام المصالحة ، ام أن غولدستون ضمن الضجة التي سيثيرها تقريره ، وضرب ضربة معلم بمواجهة السلطة الوطنية في جبال الثلج الامريكية والروسية والاسرائيلية لأنها أرادت حقيقة الذهاب مع الاخوة المصريين الى نهاية المطاف وانجاح المصالحة ؟
لا أحد يعرف ما الذي حصل غير الذين حركوا الامر على ما تم تحريكه ، في النهاية حماس ركبت الموجة واستعدت الرئيس عباس وطلبت رسميا من الشقيقة مصر تأجيل اجراء المصالحة ، كي لا تقابل من ' باع دماء الشهداء والضحايا ' واعطى اسرائيل ' براءة ذمة ' وقضى على مظلمة تاريخية كانت ستدين اسرائيل ولأول مرة وهذا ما يتناوله البعض من قيادات حماس اليوم .
غولدستون لم يخدم محمود عباس والقيادة الفلسطينية بل خدم حماس واسرائيل ، اما حماس لتبقي على هيمنتها وتزيد في قطاع غزة ، وتأخذ فرصتها في فرض نفسها كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية ، اما اسرائيل فستكمل مشروعها الاستيطاني وبلعها للقدس وتدميرها للأقصى ، وما من مصلحة للرئيس عباس والشعب الفلسطيني غير أنهم كبش الفداء ، فهل يفهم اليسار الفلسطيني الذي خرج اليوم يدين تأجيل تقرير غولدستون في غزة ، ويحمل الرئيس عباس المسئولية ، رغم أن حركة فتح وجميع القوى الوطنية تدين التأجيل ، وكنا ننتظر من اليسار الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة ، أن ينشط الهمم ويرفع صوته عاليا لتجاوز مطب غولدستون و اجراء المصالحة في موعدها !!! .
وبالعودة الى حماس والقشة التي انقذتها من بحر المصالحة وعواصف الضغط المخلصة لإنهاء حالة الانقسام نقول ما قاله أحد قادة حماس في قطاع غزة :' من الجنون أن يشارك المرء شقيقه في زوجته ' فكيف لنا أن نعطي السلطة ما اخذناه منها بالقوة !!!